شهد سوق العقارات في دبي نموا ملحوظا مدفوعا بتدفقات كبيرة من الاستثمارات الأجنبية، لا سيما من المستثمرين الباحثين عن ملاذات آمنة نتيجة للتحديات الاقتصادية التي تواجهها بعض الدول في المنطقة، مثل تركيا ومصر. هذا النمو المتسارع شجع المطورين العقاريين على مضاعفة جهودهم، مما أدى إلى إطلاق مشاريع ضخمة تساهم في تعزيز مكانة دبي كمركز عالمي للعقارات.
الاقبال على سوق العقارات في دبي
أعلن محمد بن غاطي، رئيس مجلس إدارة شركة “بن غاطي” العقارية، عن خطة طموحة لبناء 12 ألف وحدة سكنية جديدة في دبي خلال العامين القادمين، لتنضم إلى 9 آلاف وحدة أخرى قيد الإنشاء حاليا. وبهذه الاستثمارات الضخمة التي تقدر بنحو مليار دولار خلال الـ18 شهرا المقبلة. تؤكد الشركة التزامها بتلبية الطلب المتزايد على المساكن في الإمارة.
كما أشار بن غاطي إلى أن التقلبات الحادة في أسعار الصرف دفعت عددا كبيرا من المستثمرين في مشاريع الشركة إلى تحويل جزء من استثماراتهم إلى الخارج. يأتي هذا الإجراء في محاولة منهم لحماية ثرواتهم المتزايدة من المخاطر الناتجة عن التقلبات الاقتصادية. خاصة بعد أن فاتتهم الفرصة للاستفادة من الارتفاع الكبير في أسعار العقارات في دبي.
وأكد بن غاطي أن التدهور الكبير في قيمة الليرة التركية والجنيه المصري، والذي بلغ 95% و68% على التوالي، دفع عددا متزايدا من المستثمرين من هاتين الدولتين إلى توجيه استثماراتهم نحو عقارات بن غاطي. ونتيجة لذلك، ارتفعت نسبة مشترياتهم بنسبة 20% مقارنة بالعام الماضي.
وتوسع قاعدة المشترين الدوليين يعزز من استقرار سوق العقارات في دبي، الذي شهدت أسعاره زيادة بنسبة 24% في النصف الأول من هذا العام. بينما ارتفعت الإيجارات بنسبة 19% وفقا لتقارير شركة “كوشمان آند ويكفيلد”.
وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار المستمر في الوقت الحالي، تلوح في الأفق بعض بوادر الاستقرار في سوق العقارات. فوفقا لبرثيوشا جورابو، رئيسة قسم البحوث والاستشارات في شركة استشارات عقارية، من المتوقع دخول كمية كبيرة من الوحدات السكنية الجديدة إلى السوق خلال الفترة من عامين إلى ثلاثة أعوام. هذا الأمر قد يساهم بشكل فعال في تخفيف حدة ارتفاع الأسعار والإيجارات.
شراكات مع شركات عالمية
استمرت شركة “بن غاطي” في تحقيق نجاح كبير في سوق العقارات الفاخرة. حيث شهدت مبيعاتها في الربع الثاني قفزة ملحوظة بتجاوز عدد الوحدات المباعة 300 منزل، بقيمة متوسطة فاقت 5.4 مليون دولار للوحدة الواحدة.
وفي إطار توسيع نطاق أعمالها، أعلنت “بن غاطي” عن شراكات مع شركات عالمية مثل “جاكوب أند كو” و”مرسيدس” و”بوغاتي” لبناء أبراج سكنية فاخرة في دبي. بما في ذلك برج سيحطم الرقم القياسي العالمي كأطول برج سكني.
كما أكد بن غاطي على استمرار جاذبية دبي كوجهة استثمارية واعدة، مشيرا إلى أن تكاليف العقارات فيها، مقارنة بمدن عالمية كبرى مثل لندن ولوس أنجلوس، لا تزال أقل بكثير.
وتاريخيا، سيطرت الجنسيات الهندية والبريطانية والأوروبية على استثمارات العقارات في دبي. ومع ذلك، شهدت الإمارة تحولا في التركيبة الاستثمارية بعد الأحداث الجيوسياسية الأخيرة. حيث ارتفعت حصة المستثمرين الروس بشكل ملحوظ. إلا أن هذا الاتجاه بدأ يظهر مؤشرات على التراجع.
وتسبب ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات في المدينة في أزمة سكن حقيقية. حيث يعاني الكثير من السكان من صعوبة في تأمين سكن ملائم ضمن ميزانيتهم. مما يدفعهم إلى البحث عن بدائل في الضواحي أو تقليص نفقاتهم المعيشية الأخرى لتغطية تكاليف السكن.
ووفقا لأحدث تقارير “سي بي آر إي”، ارتفعت أسعار إيجارات الفلل والشقق بشكل ملحوظ في المنطقة خلال العام الماضي. حيث بلغ متوسط الإيجار السنوي للفيلا 353,000 درهم. بينما وصل متوسط إيجار الشقة إلى 127,000 درهم.
ورغم تراجع مبيعات العقارات الجاهزة، إلا أن الطلب على المنازل التي لم تبنى بعد يشهد نموا ملحوظا. حيث ارتفعت صفقات البيع قبل الإنشاء بنسبة 61% مقارنة بالعام الماضي، وفقا لشركة كوشمان آند ويكفيلد.
ولتلبية الطلب المتزايد، وسعت “بن غاطي” حيازتها للأراضي في مواقع رئيسية مثل نخلة جميرا والخليج التجاري.