تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة نموا ملحوظا في سوق الاقتراض. حيث تستمر وتيرة إصدار السندات بالتسارع مع توقعات بأن يستمر هذا النشاط حتى عام 2025.
في عام 2024، بلغت قيمة السندات المقومة بالدولار التي أصدرتها الشركات والمؤسسات السيادية الإماراتية حوالي 38.4 مليار دولار، بزيادة 54% مقارنة بعام 2023. مما يجعلها الأعلى منذ عام 2020 الذي شهد طفرة في الاقتراض بسبب جائحة كورونا، وفقا لبيانات جمعتها بلومبرغ. بينما تصدرت الشركات المشهد في العام الماضي، قادت السندات الحكومية على المستويين الاتحادي والمحلي النشاط في العام الجاري.
اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة المتنوع والجاذب للمستثمرين
تتمتع الإمارات بمزايا استثمارية فريدة، حيث تجمع بين مستويات دخل مماثلة للدول المتقدمة ومعدلات نمو اقتصادية تعكس الأسواق الناشئة. ويعزز ذلك تنوع اقتصادها الذي يشمل النفط، والتجارة، والتمويل، والسياحة. فضلا عن ذلك، وصلت قيمة صندوقها السيادي وسوق الأسهم إلى تريليون دولار لكل منهما، مدعوما بفوائض مزدوجة في الميزانية والحساب الجاري، إلى جانب تصنيفات ائتمانية عالية من فئة “AA”.
وأشار فادي جندي، مدير صناديق الدخل الثابت في شركة “أرقام كابيتال”، إلى أن انخفاض فروق المخاطر وبدء دورة خفض أسعار الفائدة العالمية يعززان من قدرة المصدرين على الاستفادة من السوق. متوقعا أن يكون عام 2025 عاما نشطا للغاية لإصدارات السندات بسبب الاستحقاقات المرتفعة المقبلة.
كما حققت السندات الإماراتية المقومة بالدولار في عام 2024 عائدا بلغ 4% للمستثمرين، متفوقة على متوسط عائد سندات الأسواق الناشئة ذات التصنيف الاستثماري الذي بلغ 3.6%. ورغم هيمنة السندات ذات العائد المرتفع الصادرة عن دول مثل لبنان والأرجنتين، لا تزال الإمارات تتمتع بجاذبية استثمارية بفضل استقرارها الائتماني وسط تصاعد المخاطر في الأسواق الناشئة.
وكانت السندات الصادرة عن الحكومة الاتحادية وبعض الإمارات الكبرى في 2024 تهدف إلى الحفاظ على وجودها في السوق وإدارة منحنى العائد، بدلا من تلبية حاجة تمويلية. وتطلب السندات الإماراتية حاليا علاوة مخاطر إضافية تبلغ 77 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأمريكية، وهي أقل بكثير من متوسط الأسواق الناشئة البالغ 324 نقطة أساس، وفقا لبيانات “جي بي مورغان”.
تحديات واستراتيجيات الإصدارات المستقبلية
من المتوقع أن تستمر حكومة أبوظبي في إصدار السندات بشكل انتهازي في عام 2025. بينما تستعد الحكومة الاتحادية لإصدار سندات جديدة بعد إصدار نادر في يونيو 2024. وفي المقابل، تواجه الإمارات الأصغر مثل الشارقة تحديات تمويلية بسبب عجز مالي نسبته 6% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023. ومع سعيها لسد تكاليف خدمة الدين، تتوقع “ستاندرد آند بورز” أن ينخفض هذا العجز إلى 3.9% بحلول 2027، لكن الضغوط المالية ستظل قائمة.
أما إمارة رأس الخيمة، فتهدف إلى استغلال رفع تصنيفها الائتماني مؤخرا لاستكشاف إصدارات سندات جديدة. كما أن الحاجة إلى إعادة تمويل السندات المستحقة، خاصة تلك الصادرة خلال جائحة كورونا، تساهم في تنشيط السوق. حيث يُتوقع أن تصل قيمة الديون المستحقة في عام 2025 إلى 19.2 مليار دولار.
السياسات النقدية وتأثيرها على السوق
سيعتمد أداء سوق السندات الإماراتية بشكل كبير على تطورات أسعار الفائدة العالمية. فقد أدى ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأمريكية، رغم خفض الفائدة الفيدرالية، إلى تراجع أداء سندات الأسواق الناشئة ذات التصنيف الاستثماري. مما جعلها الأرخص منذ ست سنوات مقارنة بالسندات ذات العائد المرتفع.
واختتم جندي حديثه بالقول: “أي مكاسب إيجابية في العام المقبل ستعتمد على اتجاهات أسعار الفائدة العالمية. ومع زيادة الإصدارات الاستثمارية وتصاعد الرياح المعاكسة، قد تكون فرص تحقيق أداء متفوق محدودة”.
ورغم التحديات، يُتوقع أن يحافظ سوق السندات الإماراتي على زخمه، مستفيدا من قوته المالية وميزاته الاستثمارية الفريدة. مما يعزز حضوره على الساحة العالمية.