يميل الكثيرون إلى الاعتماد على الوجبات السريعة والحلويات كوسيلة للتغلب على مشاعر الحزن والاكتئاب. وهو أمر شائع وفقا لما يشير إليه خبراء الصحة النفسية.
وأشار الدكتور دانييل أمين، الباحث في مجال تصوير الدماغ، إلى وجود علاقة قوية بين صحة الجهاز الهضمي والصحة العقلية. وحذر من أن الأنظمة الغذائية الغنية بالمواد المصنعة قد تساهم في زيادة خطر الإصابة باضطرابات المزاج مثل الاكتئاب.
الصلة الوثيقة بين الجهاز الهضمي والدماغ
كشفت الأبحاث العلمية عن وجود صلة وثيقة بين الجهاز الهضمي والدماغ. إذ يتبادلان المعلومات بشكل مستمر عبر شبكة معقدة من الأعصاب والمواد الكيميائية. هذا التواصل الدائم بينهما، كما أشارت صحيفة نيويورك بوست، يؤثر بشكل كبير على صحتنا النفسية والجسدية.
ويرسل الدماغ إشارات إلى الأمعاء للاستعداد لهضم الطعام. في حين أن الإجهاد يمكن أن يؤدي إلى إطلاق إشارات تسبب أعراض الجهاز الهضمي؛ مثل الغثيان أو الإسهال.
يحتوي الجهاز الهضمي على تريليونات من الميكروبات (البكتيريا والفطريات والفيروسات) تشكل ما يسمى بميكروبيوم الأمعاء. هذه الميكروبات تنتج مواد كيميائية تؤثر بشكل مباشر على وظائف الدماغ. مما يؤدي إلى تغييرات في المزاج والسلوك.
ويشير أمين إلى أن الميكروبيوم يتكون من تريليونات من الكائنات الحية الدقيقة، وخاصة البكتيريا. هذه الكائنات الحية الدقيقة، التي لا ترى بالعين المجردة، تعيش في أجسامنا وفي بيئتنا، وتؤثر بشكل كبير على صحتنا.
كما أشار أمين إلى العلاقة الوثيقة بين صحة الأمعاء وصحة الدماغ. وأكد على أهمية تغذية البكتيريا النافعة في الأمعاء بالألياف والفيتامينات الموجودة في الفواكه والخضروات والبروتينات، وذلك لتعزيز وظائف الدماغ.
الصلة بين النظام الغذائي والاكتئاب
كشفت دراسة أجريت عام 2023 في كلية هارفارد للصحة العامة عن علاقة مباشرة بين استهلاك كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة وارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب. فالأشخاص الذين يتناولون تسع حصص أو أكثر من هذه الأطعمة يوميا كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة 50% مقارنة بمن يتناولون أربع حصص أو أقل.
كما أظهرت الدراسات وجود ارتباط وثيق بين استهلاك المحليات الصناعية، لا سيما في المشروبات، وزيادة احتمالية الإصابة بالاكتئاب. ويرجع ذلك إلى أن هذه المواد الكيميائية تؤثر بشكل مباشر على النشاط العصبي في الدماغ، مما قد يحفز آليات مرتبطة بظهور أعراض الاكتئاب.
وفي استطلاع رأي أجرته مؤسسة «غالوب» عام 2023، أفاد بأن 29 في المائة من البالغين في الولايات المتحدة تم تشخيص إصابتهم بالاكتئاب في مرحلة ما من حياتهم. بينما قال 17.8 في المائة من الأميركيين إنهم مصابون بالاكتئاب أو يتلقون العلاج منه.
لا يقتصر تأثير الاكتئاب على الحالة المزاجية، بل يمتد إلى الصحة الجسدية، حيث يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكر والسكتة الدماغية وغيرها من الأمراض المزمنة.