أظهرت دراسة دولية أن التطعيم الروتيني ضد الجدري في مرحلة الطفولة قد يكون عاملا وقائيا ضد الإصابة بفيروس جدري القردة، خاصة لدى الرجال. حيث ينتشر الفيروس بشكل ملحوظ في دول وسط أفريقيا وعلى رأسها جمهورية الكونغو الديمقراطية.
تعاون المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها ومنظمة الصحة العالمية ومعاهد الصحة العامة في أربع دول أوروبية لإجراء هذه الدراسة. ونشرت نتائجها يوم الخميس في دورية “Eurosurveillance”.
فعالية لقاح الجدري في الوقاية من جدري القردة
في ظل الانتشار المتزايد لـ”جدري القردة” في وسط أفريقيا. عاد الحديث عن أهمية التطعيم ضد مرض الجدري إلى الواجهة. فمرض الجدري، كونه فيروسا شديد العدوى وقاتلا، يجعل التطعيم ضده إجراء وقائيا.
ولأن مرض الجدري و”جدري القردة” ينتميان إلى نفس العائلة الفيروسية. فإن لقاح الجدري القديم يوفر حماية جزئية ضد “جدري القردة” للأشخاص الذين تلقوه في طفولتهم.
وفي ظل تفشي جدري القرود في أوروبا خلال عامي 2022 و2023، والذي تأثر به بشكل خاص الرجال المثليون ومزدوجي الجنس وثنائيي الجنس. أجريت دراسة لتقييم مدى فعالية لقاح الجدري الذي يتلقاه الأطفال في الوقاية من الإصابة بجدري القرود.
واقتصر البحث على فئة محددة من المصابين بجدري القردة. وهم الأشخاص الذين ولدوا خلال فترة حملات التطعيم واسعة النطاق ضد الجدري والتي انتهت في عام 1971.
شكلت هذه الحملات جزءا لا يتجزأ من المجهودات الدولية الشاملة التي انطلقت في منتصف القرن العشرين بهدف القضاء على مرض الجدري. وقد توقفت هذه الحملات بعد الإعلان الرسمي من قبل منظمة الصحة العالمية عن استئصال المرض عام 1980. وكانت تهدف بشكل أساسي إلى تحقيق مناعة جماعية، لا سيما بين فئة الأطفال.
نتائج الدراسة واختلاف فعالية اللقاح بين الدول
كما أظهرت دراسة حديثة أن فعالية لقاح الجدري في الوقاية من جدري القرود، الناجم عن النوع الجيني الثاني من الفيروس، تختلف بشكل كبير من دولة إلى أخرى. ففي حين بلغت فعالية اللقاح 42% في هولندا، ارتفعت إلى 84% في إسبانيا. وبالنظر إلى جميع البيانات، يمكن تقدير فعالية اللقاح بشكل عام بحوالي 70%، مع هامش خطأ كبير يتراوح بين 23% و89%، مما يشير إلى عدم يقين كبير في هذه النتائج.
ونطاق الثقة هو مقياس إحصائي يحدد مدى دقة تقدير معين. ويعكس درجة التأكد من صحة هذا التقدير.
كما تشير البيانات إلى أن تلقي لقاح الجدري في الطفولة قد يقلل خطر الإصابة بجدري القردة لدى الرجال في أوروبا بنسبة تصل إلى الثلثين. ومع ذلك، نظرا للاختلافات الواسعة بين الدول وعدم الدقة الكافية للنتائج، لا يمكن الاعتماد على هذه المعلومات وحدها لاتخاذ قرار بتطعيم الأفراد بناء على تاريخهم التطعيمي السابق ضد الجدري.
كما ينصح الباحثون بإعطاء اللقاح المعتمد ضد جدري القردة لكافة الأفراد المعرضين لخطر مرتفع للإصابة بالمرض، بغض النظر عن تلقيهم سابقا لقاح الجدري.
ومع تزايد حالات «جدري القردة» من النمط الجيني الأول في وسط أفريقيا وشرقها. تبرز الحاجة الملحة لإجراء دراسات مماثلة حول فاعلية لقاح الجدري ضد الأنماط الجينية الأكثر انتشارا حاليا.