في ظل التطورات المتسارعة التي تعيشها سوريا، أعلنت الأمم المتحدة عن قرارها بإجلاء الموظفين غير الضروريين من البلاد، في خطوة تعكس خطورة الأوضاع الأمنية والإنسانية. وأكد مكتب الأمم المتحدة في دمشق، في بيان أصدره اليوم السبت، أن هذا القرار يقتصر على الموظفين غير الأساسيين فقط. مشددا على أن المنظمة مصممة على البقاء في سوريا لمواصلة تقديم خدماتها للشعب السوري الذي يمر بظروف غاية في الصعوبة.
جاء هذا القرار في سياق إعلان عدد من الدول الأخرى، من بينها روسيا والصين، عن إجلاء رعاياها من سوريا. وتأتي هذه الخطوات نتيجة لتصاعد العمليات العسكرية التي تشهدها البلاد، مع تقدم الفصائل السورية المسلحة وسيطرتها على عدة محافظات. وقد أعربت هذه الفصائل عن نيتها مواصلة التقدم نحو العاصمة دمشق، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني.
الولايات المتحدة والأردن
من جهتها، دعت الولايات المتحدة مواطنيها إلى مغادرة سوريا فورا. وفي بيان نشرته وزارة الخارجية الأميركية عبر شبكات التواصل الاجتماعي يوم الجمعة، حثت الوزارة جميع الأميركيين الموجودين في سوريا على مغادرتها بأسرع وقت ممكن. مشيرة إلى أن الخيارات التجارية للسفر ما زالت متاحة حتى الآن.
أما الأردن، فقد دعا مواطنيه المقيمين أو المتواجدين في سوريا إلى العودة إلى وطنهم في أسرع وقت ممكن. مؤكدا على وجود مخاوف أمنية جدية بسبب “التطورات الميدانية” هناك. وأوضح متحدث باسم وزارة الخارجية الأردنية في بيان يوم الجمعة، أن الحكومة الأردنية شكّلت فريق أزمة يتضمن ممثلين عن مختلف الأجهزة والهيئات في المملكة بهدف تسهيل عملية إجلاء الأردنيين وتأمين عودتهم بسلام إلى أراضيهم.
العراق يدعو لإجلاء رعاياه من سوريا
وفي سياق متصل، دعا العراق مواطنيه الراغبين في مغادرة سوريا إلى التنسيق مع السفارة العراقية في دمشق لتسجيل أسمائهم تمهيدا لعودتهم إلى بلادهم. وقد نقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية هذا الإعلان. مشيرة إلى الجهود المبذولة لضمان عودة العراقيين بشكل آمن وسريع.
على الصعيد الميداني، شهدت سوريا تطورات لافتة منذ أن أطلقت هيئة تحرير الشام وفصائل متحالفة معها، في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، هجوما واسع النطاق على القوات الحكومية انطلاقا من محافظة إدلب في شمال غرب البلاد. تمكنت هذه الفصائل خلال أيام قليلة من السيطرة على مناطق شاسعة. بما في ذلك مدينة حلب، التي تعد ثاني أكبر مدن سوريا من حيث الأهمية الاستراتيجية.
ولم يتوقف التقدم عند هذا الحد، حيث واصلت الفصائل زحفها جنوبا، لتسيطر على مدينة حماة في وسط البلاد، مقتربة بذلك من مدينة حمص التي تعتبر عقدة استراتيجية تربط العاصمة دمشق بالساحل السوري. هذه التطورات جعلت الوضع أكثر تعقيدا. وزادت من المخاوف المحلية والدولية بشأن احتمالية تصاعد الصراع بشكل أكبر في الأيام المقبلة.
تبرز هذه الأحداث التحديات الكبيرة التي تواجهها سوريا على مختلف المستويات الأمنية، السياسية، والإنسانية. وبينما تحاول الأمم المتحدة والدول المعنية اتخاذ التدابير اللازمة لحماية رعاياها ومواصلة جهودها الإنسانية. تبقى الأوضاع في سوريا في حالة من الغموض والتوتر المتصاعد.