أعلن مرصد كوبرنيكوس الأوروبي، الجمعة، أن متوسط درجات الحرارة خلال العامين الماضيين قد تجاوز حاجز 1.5 درجة مئوية الذي حددته اتفاقية باريس للمناخ. يشير هذا الارتفاع إلى تسارع غير مسبوق في احترار الأرض، وهو ما تم توقعه منذ أشهر وأكدته بيانات حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي.
عام قياسي في درجات الحرارة
صنّف مرصد كوبرنيكوس الأوروبي عام 2024 كأكثر الأعوام حرارة منذ بدء تسجيل البيانات في عام 1850. وعلى الرغم من أنه من غير المرجح أن يسجل عام 2025 درجة حرارة قياسية جديدة، إلا أن هيئة الأرصاد الجوية البريطانية نبهت إلى أنه سيكون ضمن أكثر الأعوام سخونة. كما يُنتظر من الدول تقديم خطط مناخية جديدة بحلول 2025، وفقا لالتزامات اتفاقية باريس، لكنها تواجه صعوبات في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، كما يظهر من تقرير كوبرنيكوس الذي أشار إلى أن الولايات المتحدة. على سبيل المثال، خفضت الانبعاثات بنسبة ضئيلة بلغت 0.2% فقط العام الماضي.
كما ذكر المرصد أن متوسط درجات الحرارة لعامي 2023 و2024 قد تخطى بالفعل عتبة 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية. هذا الاحترار كان نتيجة الاعتماد المكثف على الوقود الأحفوري الذي غيّر المناخ بشكل جذري.
كوارث مناخية متصاعدة
وراء هذه الأرقام الصادمة، تتفاقم سلسلة من الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتغير المناخي. فقد شهد موسم الحج في مكة المكرمة في يونيو/حزيران وفاة 1300 شخص بسبب موجات الحرّ الشديدة. كما تعرضت مناطق غرب ووسط إفريقيا لفيضانات تاريخية. وشهدت الولايات المتحدة ومنطقة البحر الكاريبي أعاصير مدمرة. وفي كاليفورنيا، اشتعلت حرائق وصفت بأنها “الأكثر تدميرا” في تاريخ الولاية، وفقا للرئيس الأمريكي جو بايدن.
أما اقتصاديا، تسببت الكوارث الطبيعية في خسائر تقدر بنحو 320 مليار دولار على مستوى العالم خلال العام الماضي، حسب تقرير شركة “ميونيخ ري” لإعادة التأمين.
احترار المحيطات وتأثيراته
تؤكد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي أن الحد من الاحترار عند 1.5 درجة مئوية بدلا من درجتين مئويتين يمكن أن يخفف بشكل كبير من الآثار الكارثية لهذا الظاهرة.
كما تواصل المحيطات امتصاص نحو 90% من الحرارة الزائدة الناتجة عن الأنشطة البشرية. مما يؤدي إلى احترار غير مسبوق. وبلغ المتوسط السنوي لدرجات حرارة سطح المحيطات، باستثناء المناطق القطبية، مستوى قياسيا جديدا وصل إلى 20.87 درجة مئوية. متجاوزا الرقم المسجل في عام 2023.
هذا الاحترار يؤثر بشكل مباشر على الشعاب المرجانية والكائنات البحرية. كما يغير أنماط التيارات البحرية والجوية. ويزيد من كمية بخار الماء في الغلاف الجوي. وقد أفاد كوبرنيكوس بأن مستوى بخار الماء في الغلاف الجوي بلغ مستوى قياسيا في عام 2024. حيث تجاوز المتوسط المعتاد بنسبة 5%.
كما شهد العام الماضي نهاية ظاهرة إل نينيو، التي تتسبب عادة بارتفاع درجات الحرارة وظواهر مناخية متطرفة. وانتقالا نحو ظروف محايدة أو ظاهرة إل نينيا. ومع ذلك، حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في ديسمبر/كانون الأول من أن ظاهرة إل نينيا ستكون قصيرة وضعيفة. وغير كافية للتخفيف من تأثيرات الاحترار العالمي المستمرة.