تلعب الفضة دورا رئيسيا ومزدوجا في الاقتصاد العالمي، حيث تجمع بين كونها سلعة صناعية حيوية وأداة استثمارية آمنة. بفضل موصليتها الكهربائية الفريدة، أصبحت مكونا أساسيا في قطاعات مهمة مثل التكنولوجيا والطاقة النظيفة.
العوامل المؤثرة في ارتفاع أسعار الفضة عام 2024
شهدت أسعارها قفزة كبيرة في عام 2024، متجاوزة حاجز 30 دولارا للأوقية. هذا الارتفاع جاء مدعوما بزيادة الطلب الصناعي، التوترات الجيوسياسية، وزيادة الإقبال عليها كملاذ آمن، مع ندرة في المعروض تقدر بأكثر من 200 مليون أوقية. هذه العوامل تعزز التوقعات الإيجابية لعام 2025، لا سيما مع التطورات السريعة في مجالات الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي، التي تعزز أهميتها في الأسواق الصناعية والمالية.
كما يعتبر التضخم من المحركات الرئيسية لزيادة الإقبال عليها، حيث تعمل كتحوط ضد تآكل قيمة العملة. في عام 2024، استقرت معدلات التضخم في الولايات المتحدة عند 2.75%. بينما خفّض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ثلاث مرات خلال العام. ومع ذلك، من المتوقع أن تكون تخفيضات الفائدة محدودة في 2025. تاريخيا، كانت أسعار الفائدة المنخفضة تعزز من جاذبيتها كأصل غير مدر للعائد. وهو ما قد يدعم الاتجاه التصاعدي في العام المقبل.
الطلب الصناعي ودور الفضة في الابتكارات التكنولوجية
وصل الطلب الصناعي عليها في 2024 إلى 1.21 مليار أوقية، وهو مستوى قريب من الأعلى تاريخيا. ومن المتوقع أن تستمر القطاعات الحيوية مثل الطاقة المتجددة والإلكترونيات في زيادة هذا الطلب، لا سيما مع الاتجاه نحو التحول العالمي للطاقة النظيفة. على سبيل المثال، تستهلك الألواح الشمسية والمركبات الكهربائية كميات كبيرة منها. وتشير التوقعات إلى أن قطاع الطاقة الشمسية قد يستحوذ على 98% من احتياطيات الفضة العالمية بحلول 2050، مع تنامي الطلب على المركبات الكهربائية التي تحتاج من 25 إلى 50 جراما من الفضة لكل مركبة.
يعد الذكاء الاصطناعي اتجاها ناشئا آخر يدعم الطلب عليها. تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات المتقدمة على موصلية الفضة الفائقة. من المتوقع أن تحتاج الابتكارات التكنولوجية إلى 23 مليون أوقية إضافية من منها بحلول عام 2030، وهو ما يعزز مكانتها في الصناعة التكنولوجية.
آفاق الفضة لعام 2025
من الناحية الفنية، تظهر الفضة نمط قناة تصاعدية طويلة الأجل. تتداول حاليا عند حوالي 29.48 دولارا للأوقية بعد تصحيح قصير الأجل، مع مستوى دعم رئيسي عند 28 دولارا. إذا حافظت الفضة على هذا الدعم، فقد تختبر مرة أخرى مستوى 34 دولارا وربما تتجاوز 38-43 دولارا بناء على التطورات الجيوسياسية والسياسات النقدية. تشير الأنماط الفنية أيضا إلى إمكانية تحقيق الفضة لمستويات تاريخية جديدة قرب 50 دولارا إذا تم كسر المقاومة عند 34 دولارا.
خلاصة
الفضة في 2025 تبدو واعدة، مدعومة بعوامل اقتصادية كلية مثل التضخم والسياسات النقدية التيسيرية وزيادة الطلب الصناعي. مع التطورات في الطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي، يظل مسار الفضة إيجابيا، مع أهداف طموحة تصل إلى مستويات تاريخية. يبقى على المستثمرين مراقبة العوامل الجيوسياسية والاقتصادية لتحديد الفرص الأمثل للاستثمار في هذا المعدن الاستراتيجي.