في ظل التزايد المتسارع لإدمان وسائل التواصل الاجتماعي بين المراهقين، وتصاعد المخاوف بشأن تأثيراتها السلبية، بات من الضروري أن يتسلح الآباء بمعلومات كافية لحماية أبنائهم. فمع تزايد الدعوات إلى تقييد استخدام هذه المنصات وتوعية الشباب بمخاطرها. يبقى السؤال الأهم: كيف يمكن للآباء فهم عالم وسائل التواصل الاجتماعي، وأسباب جاذبيته للمراهقين، وكيفية حمايتهم من الآثار السلبية المحتملة؟
إدمان الإنترنت
رغم غياب أعراض طبية واضحة لإدمان الإنترنت، فإن سلوك الكثير من المراهقين حيال وسائل التواصل يشبه الإدمان إلى حد كبير. وذلك لأن هذه المنصات مصممة بذكاء لتنشيط هرمون الدوبامين، المعروف بهرمون السعادة، مما يجعل المراهقين يشعرون بالرضا والاستمتاع المستمر. ويصعب عليهم مقاومة هذا الإحساس.
وتكمن المشكلة الأساسية في استخدام المراهقين للوسائط الرقمية في قدرتها على إشباع رغباتهم الفورية بشكل مستمر. هذا الإشباع الفوري يحفز الدماغ على إفراز مادة الدوبامين. مما يؤدي إلى خلق نوع من الإدمان على هذه الوسائط.
في حين أن البالغين، بفضل تطور قشرتهم المخية الأمامية، يتمكنون من التحكم في دوافعهم نحو الرضا المستمر والتغلب على إدمان المنصات. أما المراهقين، نظرا لعدم اكتمال تطور هذه المنطقة من الدماغ، يجدون صعوبة في مقاومة الرغبة في الحصول على الإعجاب والرضا الفوري. مما يجعلهم أكثر عرضة للإدمان. وعلى الرغم من المتعة الأولية، فإن إدمان الإنترنت في المراهقة غالبا ما يؤدي إلى عواقب سلبية مثل العزلة والاكتئاب.
ولا يقتصر خطر قضاء المراهقين وقتا طويلا على الإنترنت على إهمال الأنشطة البدنية فحسب، بل يتعداه إلى التعرض لمجموعة متنوعة من المحتويات الضارة. فهذه المحتويات، التي تشمل الترويج للعنف والتطرف والمواد الإباحية والأخبار الكاذبة. قد تدفعهم إلى ارتكاب أفعال غير قانونية أو تعرّضهم للابتزاز والاحتيال الإلكتروني.
علامات الإدمان
يعد إدمان وسائل التواصل الاجتماعي لدى المراهقين مشكلة متزايدة. يمكن ملاحظة هذه المشكلة من خلال عدة علامات، منها:
- تفضيل قضاء الوقت على الإنترنت على الأنشطة الحقيقية.
- عدم القدرة على تقليل وقت الاستخدام رغم الرغبة في ذلك.
- إهمال الواجبات الدراسية والأنشطة البدنية والعلاقات الاجتماعية.
- هناك علامات أخرى شديدة الخطورة مثل اللجوء للكذب بشأن استخدام هذه الوسائل ومحاولة إخفاء مواقع البحث. وكذلك الاستمرار في قضاء الوقت على الإنترنت حتى لو تسبب ذلك في مشكلات للمراهق على الأصعدة كافة، سواء في علاقاته مع أصدقائه وأفراد عائلته، أم في الحياة الواقعية بشكل عام؛ في المدرسة أو النادي.
أهم النصائح لحماية الأبناء من إدمان وسائل التواصل الاجتماعي
يؤكد الأطباء النفسيون أن المراهقة مرحلة حساسة تتطلب من الآباء التعامل مع أبنائهم بحكمة ولين. كما ينصح الخبراء بتجنب المواجهة المباشرة عند محاولة الحد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وبدلا من ذلك، يقترحون اتباع نهج تدريجي مبني على الحوار والتفهّم. وذلك لأن الاعتماد الكبير على هذه الوسائل قد يؤدي إلى أعراض انسحاب تشبه تلك التي يعاني منها المدمنون، مثل تقلبات مزاجية حادة وصعوبات في النوم، مما يستدعي التعامل مع هذه القضية بحساسية.
وبدلا من فرض قيود صارمة على استخدام الإنترنت. يجب على الآباء والأمهات الجلوس مع أبنائهم ومناقشة أهمية تنظيم الوقت على الشبكة. كما يمكن تشجيعهم على تخصيص وقت محدد للأنشطة الأخرى مثل قضاء وقت مع العائلة والأصدقاء وممارسة الرياضة. كما يمكنهم تحويل وقت مشاهدة الأفلام أو مقاطع الفيديو إلى نشاط عائلي مشترك. فمن المهم أن يكون الآباء قدوة لأبنائهم في هذا الصدد. حيث إن الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الوالدين قد يشجع الأبناء على فعل الشيء نفسه.
وبدلا من ترك الأطفال يواجهون الملل خلال العطلات، دعونا نوفر لهم بدائل مشوقة. يمكننا تشجيعهم على ممارسة الرياضة، استكشاف الأماكن المفتوحة، قراءة الكتب، أو المشاركة في الأنشطة المدرسية. هذه الأنشطة لا تساعدهم فقط على قضاء وقت ممتع. بل تساهم أيضا في تنمية مهاراتهم وقدراتهم. فبناء عادات صحية منذ الصغر يحميهم من الوقوع في فخ الإدمان على الشاشات في مرحلة المراهقة.
يمكن أن تقوم الأسرة بتحديد مناطق خالية من الجوالات الذكية والألواح الإلكترونية في المنزل مثل غرف النوم، والحمامات، وأماكن تناول الطعام، حتى يتم وضع قواعد معينة ملزمة للجميع. ويجب أن يدرك الآباء أن هذه القواعد يمكن أن يتم كسرها. ولذلك يمكن عمل مكافآت لاتباع القواعد. وبالمثل عمل عقوبات معقولة ومنطقية لكسرها.