أربعون عاما على ذكرى صبرا وشاتيلا
في كل زقاق في مخيم شاتيلا، كانت هناك جثث، إما بمفردها أو في مجموعات. ولعل أكثر ما أصاب ميساء الخطيب هو مشهد فتاة ترتدي فستاناً بني اللون ينفجر رأسها بجوار أكوام الجثث. يبدو الأمر كما لو أنهم قتلوا بشكل جماعي.
أربعون عاما على ذكرى صبرا وشاتيلا
بعد ثلاثة أيام من فرض إسرائيل حصارًا على مخيمي صبرا وشاتيلا جنوب غرب العاصمة بيروت،
كانت الشابة الفلسطينية ماشا تستمع إلى مكالمة متوقعة من والدتها فاطمة الخطيب، التي أبلغتها بمذبحة جماعية ضد الفلسطينيين.
فلسطينيون في مخيمين للاجئين.
استقلت ميساء ووالدتها القطار السريع من بيروت إلى مدخل مخيم شاتيلا، متسائلين عن مصير زيارة عمتها وجدتها هناك، مفصولة بالحواجز الأمنية اللبنانية.
بعد بضع ساعات، فقدت فاطمة صبرها وبدأت بالصراخ للمضي قدمًا حتى تمكنت من اختراق الحاجز خلفها وابنتها ومئات الفلسطينيين في المجزرة المروعة التي بدأت في سبتمبر. 16 يونيو 1982 واستمر 3 أيام.
رائحة عالقة بذهني منذ 40 عاما
تروي ميشا المشهد بصمت، كأنها لم تشتاق إليها، ثم قالت إننا أثناء عبورنا الحاجز الأمني ، شممنا رائحة مألوفة لنا جميعًا، رائحة الدم والموت.
أصبحت الرائحة أقوى كلما اقتربنا منها ومن والدتها، وعلى بعد أمتار قليلة فقط، بدأ الناس في الاصطدام بالجثث المصطفة عند مدخل المخيم،
والتي غطاها الصليب الأحمر الذي تمكن من الدخول.
على بعد خطوات قليلة، ترقد الجدة (غالية) على كومة من الصخور بفأس في رقبتها، بجوار جثة حصان ببطن منتفخ،
ويبدو أنها قُتلت في الأيام الأولى من الحصار.
وقالت ميساء الخطيب: “بدأت أمي بالصراخ ونحن نتقدم إلى الأمام ثم رأيت جثة جدتي عند مدخل منزل المقداد اللبناني،
ودمها لون فستانها الأزرق الداكن المزين بالورود البيضاء”.
واصلت فاطمة الخطيب التقدم بين جحافل الجثث إلى منزل أختها، المنزل الأول في المعسكر، والذي تحول فيما بعد إلى مقبرة جماعية،
حيث دُفن جميع شهداء المحرقة وبُنوا فوق نصب تذكاري.
وقعت أكبر مأساة لفاطمة في منزل شقيقتها ديبا أحمد الخطيب، التي وجدت نفسها ميتة مع أطفالها التسعة وزوجها، قتل كل منهم بطريقة مختلفة.
ابنتها ميساء التي شاهدت والدتها تبكي بجانب جثث عائلتها، قالت بعد رؤية المشهد اعتقدنا أن والدتي مجنونة،
لم تستطع فهم ما كانت تراه وبدأت بالصراخ بشكل هستيري.