ميديا بارت :حرب عالمية صغيرة في الأفق: المواجهة بين أرمينيا و أذربيجان
من أولى الحروب التي أستخدمت فيها المسيرات القتالية كانت حرب ناغورني قرة باغ.
و قد مثلت إنذارا من عدة نواح بما يجري في أوكرانيا، و إشعال الدائرة هناك يبلي بصدام بالوكالة بين الغرب
و روسيا،حيث يمكن أن تستدعى دول أكثر للمشاركة إذا توسعت المواجهة بين أرمينيا و أذربيجان.
كما كتب جوزيف كونفارو في موقع “ميديا بارت ” الفرنسي،ما يحدث في أماكن أخرى غير أوكرانيا من إنتهاك للحدود
و إستخدام للمسيرات القتالية و نيران المدفعية،و إستهداف للبنية التحتية للطاقة ،و وفيات المدنيين دون إثارة سخط دولي
أو حتى دعم عسكري للطرف المهاجم،في إشارة إلى قصف تعرضت له قرية سوتك الأرمنية من قبل القوات الأذربيجانية.
و بعد الإشارة لهذا الهجوم،صرح الكاتب بأنه سوف يطيل أمد الحرب في ناغورني قرة باغ،و هي منطقة يسكنها الأرمن
بشكل أساسي رغم أنها تقع على أراضي أذربيجانية، و بسببها خاض البلدين حروبا عديدة،بعد أن إحتلتها أرمينيا في التسعينات
حتى إستعادتها أذربيجان في” حرب 44 يوما” عام 2020.
المواجهة بين أرمينيا و أذربيجان: التخوفات الأرمينية
وكما يقول الكاتب خلال تلك الحروب بقي القتال الدامي محصورا في المناطق المتنازع عليها بين البلدين،و لكن أراضي أرمينيا هوجمت أيضا،
بذريعة أن جيش أرمينيا كان يزرع الألغام على الحدود،في وقت مطالبة الأذربيجيين بممر يعبر جنوب أرمينيا لربط أراضيهم
بجمهورية ناختشيفان المتمتعة بالحكم الذاتي.
و في قمة جمعت رئيسي أرمينيا و أذربيجان برعاية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صدر بيان مشترك نهاية الشهر الماضي ،
إتفقنا فيها البلدان على “الامتناع عن إستخدام القوة أو التهديد ، ومناقشة و حل جميع القضايا الخلافية على أساس الإعتراف
بالسيارة المتبادلة ووسلامة الأراضي و حرمة الحدود”،و من جهة أخرى بدأت محادثات برعاية و زير الخارجية الأمريكي
أنتوني بيلنكن،بين وزيري خارجية أرمينيا و أذربيجان، وسط تنافس بين الروس و الغربية للعب دور في المنطقة.
و تساءل الكاتب هل هذا الإعلان سيمون الأرمنيين على الأقل من إستعادة جثث و أسرى الحرب الذين مازالو في أيدي أذربيجان؟
موضحة أن مشاعر الخوف التي تغتاب المجتمع الأرميني ليست بسبب الهجمات داخل حدود بلدهم،ولكن بسبب مقاطع الفيديو
و صور الإنتهاكات التي يتهمون أذربيجان بإرتكابها بحق جنودهم .
و تقول المدافعة عن حقوق الإنسان الأرمينية كريستين غريغوريان”نحن قلقون للغاية و بشكل خاص بشأن الطريقة
التي تعامل بها المجندات المقاولات و الأسيرات،تأكدنا من وجود ما لا يقل عن 17 أسير حرب لدى أذربيجان و العديد من جثث الجنود”.
تحضيرات أرمينيا الشبه العسكرية
يسعى الأرمنيين إلى إنشاء قوة قادرة على مواجهة أذريبجان هذا ما أشار إليه الكاتب،و في هذا السياق ولدت تحت شعار
“إذا كنت تريد السلام فاستعد للحرب”،منظمة فوما غير الحكومية و يعني إسمها باللغة الأرمينية “فن البقاء”
و لروما العديد من ميادين التدريب في جميع أنحاء البلاد ،و هي تدرب قوات شبه عسكرية من الأرمن في الداخل و في الشتات
بتمويل من مانحين من داخل و خارج الحدود،و يقول نائب مدير المؤسسة إنهم قاموا بتدريب 600 شخص
منذ هجوم أذربيجان في سبتمبر/أيول الماضي،و أكثر من ألفين منذ حرب عام 2020 ،مشيرا إلى تزايد عدد المتطوعين.
كما يؤكد نائب المدير أنه منذ حرب 2020 كرسوا أنفسهم للتدريب على كيفية التعامل مع جميع أنواع الأسلحة التي قد تكون مطلوبة في ساحة المعركة.
و أعترف هذا الأخير بأنه في الحقيقة يبدون أضعف من أذربيجان، لكن ما يحدث في أوكرانيا نموذج واضح لما يمكن للمدنيين أن يشاركوا به في القتال.
إلى جانب المنظمات الأخرى مثل “تيغران”و “أتان”و “بوغا” حيث يقدمون تدريبا شبه عسكري ،و كلها تقوم بتعليم أساسيات الحرب المستقبلية لجميع من ينخرطون فيها.
نقطة إلتقاء قوى عالمية
يقول المؤرخ الأرميني تالين ميناسيان”نحن في نقطة إلتقاء قوى إيران وروسيا و تركيا،و في صميم رغبة بوتين في إقامة نظام دولي جديد،
و ليس من المبالغة قول ذلك،فأرمينيا هي رأس الدبوس في وسط هذا المرجل،مع العلم أنه ليس لديها نفط،و لكن موقعها الجيوسياسي هو موردها الرئيسي”.
مبعوث ميديا بارت خرج بخلاصة أن إحتمال توسع الحرب بين أذربيجان و أرمينيا في ظل الحرب في أوكرانيا قائم،
لأن هذه المنطقة الصغيرة في القوقاز تبلور تباعد المصالح و ألعاب النفوذ لمجموعة من الجهات الفاعلة ،من روسيا إلى تركيا،
و من الولايات المتحدة إلى إيران،و من إسرائيل إلى الصين ،عبر باكستان التي تبع الأسلحة لأذربيجان و الهند التي تزود بها أرمينيا.
ففي الأخير يعتبر الباحث جورجي ديرلوجويان أن هناك حربا عالمية صغير تلوح في الأفق،و أن ناغورني قرة باغ مثل”دانتزيغ أو سراييفو
أو الألماس أو القدس،تعد إحدى هذه الكيانات الرمزية على مشارف الإمبراطوريات، و يمكنها أن تشعل فتيل حرائق كبرى