أظهرت نتائج بحثية علاقة محتملة بين معاناة بعض الأفراد من مشكلات صحية جديدة، وتاريخهم المرضي السابق، بما في ذلك الإصابة بأعراض فيروس كورونا.
تأثير الإصابة الخفيفة بفيروس كورونا على المدى الطويل
كشفت دراسة حديثة نشرت في مجلة “ناتشر ميديسين” عن مخاطر صحية طويلة المدى قد تنتج عن الإصابة بعدوى خفيفة بفيروس كورونا. حيث أظهرت الدراسة أن بعض هذه المشكلات الصحية قد تظهر حتى بعد مرور ثلاث سنوات من الإصابة.
كما كشفت الدراسة عن مخاطر متزايدة للإصابة بمجموعة من الأمراض الصحية. تشمل مشاكل في الأمعاء والدماغ والرئتين. إلى جانب متلازمة القولون العصبي والسكتات الدماغية الخفيفة والتليف الرئوي.
ويمكن تمييز هذه الحالة عن “كوفيد طويل الأمد” الذي يعتبر حالة مزمنة منهكة تتسم بأعراض مثل التعب وضباب الدماغ وتسارع ضربات القلب. وتختلف هذه الحالة عن كوفيد طويل الأمد بكونها تشير إلى ازدياد احتمالية الإصابة بأمراض جديدة بعد سنوات من الإصابة بكوفيد-19.
شملت الدراسة تحليل السجلات الطبية لأكثر من 114 ألف شخص ممن أصيبوا بكوفيد بشكل خفيف. ومقارنتها بسجلات أكثر من 5 ملايين شخص لم يصابوا بالفيروس.
أظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين عانوا من أعراض خفيفة لفيروس كورونا. كانوا أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات صحية طويلة الأمد مقارنة بمن لم يصابوا بالفيروس. فبعد مرور ثلاث سنوات، واجه من عانوا من أعراض خفيفة لفيروس كورونا مخاطر أكبر بنسبة 8% للإصابة بمشاكل في الجهاز الهضمي، و 10% للإصابة بمشاكل عصبية، و 22% للإصابة بمشاكل رئوية.كما أبرزت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية نتائج دراسة أجراها الدكتور زياد العلي، رئيس قسم البحث والتطوير في جامعة كاليفورنيا، والتي تفيد بأن الإصابة الحادة بفيروس كورونا قد تخلف مضاعفات طويلة الأمد تمتد لفترات أطول من سنة أو سنتين بعد التعافي.
ونظرا لانتشار الوباء بشكل واسع، من المتوقع أن يزداد عدد الأشخاص الذين يعانون من مضاعفات لاحقة على المدى الطويل.
وشملت الدراسة أكثر من 20 ألف شخص ممن تم إدخالهم إلى المستشفى عام 2020 بسبب إصابتهم بكوفيد-19 الحاد. وبعد مرور ثلاث سنوات، أظهرت الدراسة أن هؤلاء الأشخاص كانوا أكثر عرضة للإصابة بمجموعة من المشكلات الصحية مقارنة بمن عانوا من أعراض خفيفة للمرض.
آراء الخبراء
يشير الدكتور غراهام سنايدر، خبير الأوبئة والوقاية من العدوى في المركز الطبي بجامعة بيتسبرغ، إلى أنّ فهم آلية تسبب عدوى فيروس كورونا في مشكلات صحية طويلة الأمد لا يزال محاطا بالغموض.
وأوضح سنايدر أن بعض الفيروسات، مثل فيروس نقص المناعة البشرية، تسبب عدوى مزمنة ذات مضاعفات دائمة. بينما تتم السيطرة على فيروسات أخرى، مثل العديد من فيروسات الهربس، بعد الإصابة الأولية، لكنها تبقى كامنة مع إمكانية إعادة تنشيطها.
وأوضح أن بعض الفيروسات قادرة على غزو الخلايا وإحداث تحولات فيها. مما يرفع من خطر الإصابة بأنواع محددة من السرطان، مثل فيروس الورم الحليمي البشري.
كما يصنف سنايدر فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد ضمن عائلة من الفيروسات تسبب اضطرابات جمة في جهاز المناعة. فعلى عكس فيروسات مشابهة مثل الإنفلونزا. يعيق فيروس كورونا عمل الجهاز المناعي ويفاقم من اختلال وظائفه، مما يؤدّي إلى التهاب مفرط.
ويعد فيروس كورونا ظاهرة استثنائية، حيث لم يشهد العالم من قبل فيروسا يسبب مثل هذا التنوع الهائل في الأعراض ومضاعفاتها طويلة المدى. كما يفعل فيروس كوفيد-19.