في تحذير صريح، أشارت شركة بايبر ساندلر إلى أن التباطؤ السكاني العالمي هو “أهم تهديد” يواجهه العالم. هذا التحول السكاني سيعرض الاقتصاد العالمي لخطر كبير. مما قد يؤدي إلى زعزعة استقراره وتقويض نموه المستقبلي.
كما إن انخفاض معدلات النمو السكاني، وبالأخص في الفئة العمرية بين 15 و64 عاما، قد يؤدي إلى تقلص القوى العاملة المتاحة. مما يضع ضغطا متزايدا على النمو الاقتصادي ويؤثر سلبا على الإنتاجية.
انخفاض النمو السكاني العالمي
شهد العالم ذروة نموه السكاني عام 1964، منذ ذلك الحين، بدأ معدل الزيادة السكانية بالتراجع. كما بلغ عدد السكان في سن العمل أقصى حد له عام 1979. ومنذ ذلك التاريخ، ساهم تناقص هذا العدد بشكل كبير في تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
ووفقا لتقديرات شركة بايبر ساندلر، من المتوقع أن يشهد العالم أعلى كثافة سكانية في تاريخه بحلول عام 2080. وهذا التوقيت يسبق التوقعات السابقة بست سنوات.
كما تعتبر قضية شيخوخة المجتمعات وتزايد أعداد المسنين من أبرز التحديات التي تواجه العديد من الدول. ويعكس مؤشر الاعتماد بين الأجيال، الذي يقيس نسبة المسنين إلى القوى العاملة، تزايد الضغوط المالية على الشباب والأجيال العاملة نتيجة لتزايد أعداد المتقاعدين.
تحذير بايبر ساندلر من آثار تباطؤ النمو السكاني
سيترتب على هذا التغيير زيادة ملحوظة في الطلب على الخدمات الأساسية كالتقاعد والرعاية الصحية. مما يضع أعباء مالية كبيرة على الحكومات. وإذا لم يتم تعديل السياسات المالية والاجتماعية بشكل جذري، فإن هذا الارتفاع في الإنفاق قد يؤدي إلى تفاقم مشكلة الدين العام. وتؤكد الأمم المتحدة أن هذا التوجه العالمي نحو شيخوخة السكان سيزيد من حدة هذه التحديات. حيث من المتوقع أن يتضاعف الإنفاق على كبار السن بحلول منتصف القرن.
كما ستختلف آثار تباطؤ النمو السكاني باختلاف المناطق. من المتوقع أن تواجه الاقتصادات المتقدمة مشاكل أكثر حدة بسبب نسب دعم الشيخوخة المرتفعة أصلا والمبالغ الكبيرة من الديون الحكومية.
وتعتبر ألمانيا واليابان نموذجين بارزين للدول التي ستشهد آثارا اقتصادية بالغة الوضوح نتيجة شيخوخة السكان. على النقيض من ذلك، تتمتع الولايات المتحدة بمرونة أكبر في مواجهة هذا التحدي بفضل نظام دعم اجتماعي أقل تطلبا وإمكانية استقطاب المزيد من العمالة الوافدة لتعويض النقص في القوى العاملة الشابة.
وتشير التوقعات كذلك إلى أن ارتفاع نسبة كبار السن في المجتمعات سيضع ضغوطا مالية متزايدة على الحكومات، لا سيما تلك التي تقدم أنظمة حماية اجتماعية شاملة. فمع تزايد أعداد المتقاعدين وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، سترتفع نفقات الحكومات بشكل كبير، في حين ستتراجع الإيرادات الضريبية بسبب تناقص القوى العاملة. هذا الوضع من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم عجز الموازنة وزيادة الدين العام.
كما قد يؤدي هذا الوضع إلى تراكم الديون الحكومية بشكل كبير. مما يزيد من العبء على الميزانية العامة ويضعف قدرة الحكومة على الاستثمار في القطاعات الحيوية. وبالتالي يعرض الاقتصاد لخطر التباطؤ والركود.
أهم الاستراتجيات لتفادي الآثار السلبية للتراجع السكاني على الاقتصاد
لتفادي الآثار السلبية للتراجع السكاني على الاقتصاد، يجب على الحكومات أن تركز جهودها على عدة محاور رئيسية: زيادة الإنتاجية من خلال تبني تقنيات حديثة وتطوير المهارات. وتشجيع الأسر على زيادة عدد أفرادها من خلال تقديم حوافز مالية واجتماعية. وتوفير بيئة عمل مناسبة لكبار السن لضمان استمرار مساهمتهم في الاقتصاد.
كما تمثل الهجرة حلا واعدا لمشكلة تناقص أعداد السكان في سن العمل التي تواجهها العديد من الدول. فمن خلال سياسات هجرة مدروسة، يمكن لبلدان مثل الولايات المتحدة وألمانيا أن تخفف من حدة التحديات الديموغرافية التي تواجهها. وعلى النقيض من ذلك، قد تواجه دول أخرى، كاليابان التي تتبع سياسات هجرة أكثر تشددا، صعوبات أكبر في مواجهة هذه التحديات.
وفي ظل التحديات التي يفرضها تقلص القوى العاملة، يتعين علينا اتباع استراتيجيات مبتكرة لتعزيز الإنتاجية. يتضمن ذلك الاستثمار في التقنيات الحديثة التي تزيد من الكفاءة. وتطوير مهارات القوى العاملة الحالية. وتوفير بيئة عمل صحية وداعمة.