عملات جديدة وتجارة متحررة من الدولار.. هل اقتربت هيمنة الدولار من نهايتها؟
اجتمع 730 موفدا من 44 دولة في مؤتمر بريتون وودز، في الأول من تموز/يوليو 1944،
حيث استمرت أعماله 22 يوما، بالعاصمة الأميركية واشنطن. وقد تم الاتفاق على نظام جديد للنظام المالي العالمي،
أدى إلى ربط عملات العالم بالدولار الأميركي بسبب حيازة الولايات المتحدة غالبية الذهب في العالم.
حينها، تعهدت واشنطن تثبيت قيمة الدولار على قيمة الذهب، فثبتت الدول الأخرى أسعار عملاتها أمام الدولار.
وقد ساعد تسعير النفط بالدولار على إنقاذ العملة الأميركية من الانهيار، وبقت عملة احتياطية في العالم،
تدفع بها الدول أثمان سلعها وأصولها والتزامات ديونها، ما أجبر البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم على الاحتفاظ بكميات كبيرة من الدولار في احتياطاتها.
ولكن تعمل بعض الأطراف اليوم على توفير بديل يجذب الدول الأخرى لبناء نظام مالي مستقل تماما عن سيطرة الولايات المتحدة، ومتحرر من هيمنة الدولار.
روسيا والصين تستحدثان بدائل
نشرت صحيفة “ذا ناشونال انترست”، في حزيران/يونيو من العام الماضي، مقالا بعنوان “حرب روسيا والصين على الدولار بدأت للتو”.
حيث ذكر أكسل دي فيرنو كاتب المقال بأن التحالف الصيني الروسي يشكل تهديدا ملموسا لهيمنة واشنطن المالية، من خلال مناقشتهم دمج البلدان أنظمتهما المالية.
ويأتي هذا ضمن إستراتيجية اقتصادية دفاعية تبنتها موسكو لمواجهة الضغوط الأجنبية، تضمنت تطوير الأنظمة المالية التي تقوض فعالية العقوبات الاقتصادية التي تقودها واشنطن و”الناتو”، وتكديس كميات كبيرة من العملات الأجنبية.
كما حذت الصين حذو روسيا بعد عام واحد، حيث أطلقت نظام الدفع عبر الحدود بين البنوك “CIPS”،
بهدف تدويل أو زيادة التبادل العالمي باليوان أو “الرنمينبي” (العملة الرسمية للجزء القاري من الصين)،
بدعم من بنك الصين الشعبي”PBOS”.
وما يقلق الولايات المتحدة وحلفاءها هو تمثيل هذا النظام بنية أساسية للسوق المالية في الصين.
اضافة الى استخدام عدة بنوك روسية هذا النظام منذ سنوات نتيجة حجم التجارة الكبير بين البلدين، مدفوعا في الآونة الأخيرة بالصعوبة التي تواجهها روسيا في المشاركة في الاقتصاد العالمي والربح منه.
عملات جديدة وتجارة متحررة من الدولار: إزالة “الدولرة”
بعد أن كان الدولار هو العملة المفضلة عالميا، باتت الصين ودول أخرى حاليا تساهم في كتابة قواعد العالم الحالي، ما يخلق نوعا جديدا من العولمة، من خلال مؤسسات مثل مجموعة “بريكس” للاقتصادات الناشئة، و”مبادرة الحزام والطريق”، ومنظمة “شنغهاي للتعاون”.
وتواجه الولايات المتحدة الأميركية موجة متزايدة من عمليات إزالة “الدولرة” العالمية. حيث تمت صياغة المقترحات الأولية بشأن إنشاء عملة احتياطية جديدة تعتمد على سلة من عملات دول “بريكس” منذ عام 2018. ويعود اختيار العملات الوطنية لهذه الدول إلى كونها من بين العملات الأكثر حضورا في الأسواق الناشئة. وظل النقاش يدور حتى الوصول إلى العملة الاحتياطية الجديدة لدول “بريكس”، التي ستحمل اسم “R5” أو “+R5″، وهو اسم يستند إلى الأحرف الأولى من أسماء عملات الدول الأعضاء في المجموعة، وهي: ريال برازيلي، روبل روسي، روبية هندية، رنمينبي صيني، راند جنوب إفريقي.
كما يدرس وزراء المال والبنوك المركزية في منظمة “آسيان”، إقصاء الدولار الأميركي، إضافة إلى اليورو والين. وهذا يعني أنه سيتم توسيع نظام الدفع الرقمي عبر الحدود التابع لرابطة دول جنوب شرق آسيا بشكل أكبر، والسماح لدول “آسيان” باستخدام العملات المحلية للتجارة. ويعد هذا امتدادا لخطة تسوية العملة المحلية السابقة (LCS) التي بدأ تنفيذها في عدد من أعضاء المنظمة. وشملت هذه الخطة أولا كلا من تايلاند وماليزيا في 2016 آذار/مارس، وانضمت إليهما إندونيسيا بعد ثلاثة أعوام.