ارتفاع سعر الدولار هل سيعود سلبا أم إيجابا على الاقتصاد العالمي؟
نلاحظ في الآونة الأخيرة أن الدولار يحقق ارتفاعا ملحوظا مقارنة ببقية العملات الأخرى، وهو أمر حدث في وقت يعتبر قصيرا نسبيا
مما جعل المستثمرين يهبّون نحوه بما أنه يعتبر ملاذا آمنا في ظل التخوف الكبير من حدوث ركود اقتصادي.
إلا أن هذا الارتفاع المستمر للدولار من شأنه أن يثير بعض القلق حول العالم مما يدفعنا إلى التساؤل عن سبب ذلك القلق وعن كيفية الحد من استمرارية صعود هذه العملة.
المخاوف الناتجة عن ارتفاع سعر الدولار مقابل العملات الأخرى
هذا الإرتفاع الذي شهده سعر الدولار مقابل عملات أخرى يتسبب في إثارة مخاوف عدة من حدوث ركود إقتصادي،
فقد شهد هذا العام مفارقة تاريخية كبيرة لم يعرفها العالم من قبل، تتمثل في تعادل قيمة الدولار الأمريكي
مع الجنيه الإسترليني لأول مرة في التاريخ وذلك كان نتيجة لارتفاع قيمة الدولار الحالية.
وقد ارتبط انخفاض سعر الجنيه الإسترليني أيضا مع انخفاض مشابه في سعر اليورو الذي تعادل نسبيا مع الدولار
بسبب تراجع العملة الأوروبية الموحدة كنتيجة لتزايد التخوف من حصول ركود في منطقة اليورو
وذلك تبعا لأزمة الطاقة المستمرة خاصة في ظل تواصل الحرب في أوكرانيا.
إلا أن الأمر لم يقتصر على الجنيه الاسترليني واليورو فقط، فبعد تعرض عملات رئيسية أخرى للانتكاسات، قد عرف الين الياباني أيضا تراجعا بنسبة
20 بالمائة تقريبا مقارنة بالدولار خلال هذا العام ، ليبلغ أدنى مستوياته منذ سنة 1998، كذلك تراجعت العملة الهندية “الروبية” بشكل قياسي جديد إثر
بلوغ سعر الروبية بتاريخ 26 سبتمبر 2022، 80 روبية مقابل الدولار الواحد لأول مرة خاصة مع انسحاب المستثمرين من الأصول الخطرة في الأسواق الناشئة.
وقد صرّح رئيس أبحاث الصرف الأجنبي في “دويتشه بنك” ، دون جورج سارافيلوس، في مذكرة للعملاء،
أن الدولار “يشهد أكبر تجاوز في التقييم منذ ثمانينيات القرن الماضي. وتتراكم في العالم الان حالة
من عدم الارتياح ببطء جراء التقلب الشديد في العملات “.
هل سيظل الدولار في صعود متواصل؟
متى سيتوقف صعود الدولار؟ يتساءل الكثيرون متى سيتوقف ارتفاع سعر الدولار، يجيب سارافيلوس “إن وصول مخاطر التضخم في
الولايات المتحدة إلى “الذروة النهائية” من شأنه أن يدفع البنك الفيدرالي الأمريكي إلى إبطاء “دورة التشديد القوية” التي ينتهجها،
وهو ما يعد “شرطا ضروريا” لإنهاء ارتفاع الدولار”.
ويؤكد على ضرورة توفير عوامل أخرى منها انفراج أزمة الطاقة في الدول الأوروبية،
وتراجع الصين عن إستراتيجية “صفر كوفيد” التي عطلت التوريد العالمي.