الهواتف الذكية، رغم أنها أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، تخفي وراء واجهتها البسيطة قدرات مراقبة مخيفة. فهي تستمع إلى محادثاتنا، تتتبع تحركاتنا، وتجمع كما هائلا من البيانات الشخصية التي يتم بيعها للشركات دون علمنا. مما يجعل خصوصيتنا عرضة للانتهاك.
وما كان يعتبر نظرية مؤامرة ومحض خيال، أصبح الآن حقيقة مثبتة بتقرير يكشف عن استخدام “كوكس ميديا” لبرنامج “الإنصات النشط” في جمع وتحليل بيانات المستخدمين. كما يتيح هذا البرنامج للشركات الكبرى تتبع أنشطة المستخدمين عبر الإنترنت بشكل دقيق. مما يثير تساؤلات حول خصوصية البيانات وأمن المعلومات.
هل تتنصت الهواتف الذكية علينا؟
ويستخدم هذا البرنامج تقنية الذكاء الاصطناعي لتحليل محادثاتنا اليومية عبر الميكروفون. يتم جمع البيانات الناتجة عن هذا التحليل لتقديم إعلانات مخصصة لك.
كما تثير هذه التقنية، القادرة على رصد وتتبع نوايا الأفراد في الوقت الحقيقي، تساؤلات أخلاقية وقانونية عميقة. فجمع وتحليل هذه البيانات الحساسة، بهدف عرض إعلانات مستهدفة، يعتبر تدخلا سافرا في الخصوصية ويخالف القوانين التي تحمي البيانات الشخصية.
والأكثر صدمة هو رد الشركة على سؤال حول قانونية هذه الممارسات. ففي منشور لها، أجابت بصراحة مدهشة: “نعم، من القانوني تماما أن تستمع الهواتف إليك”. وتبرر ذلك بأن المستخدمين يوافقون ضمنا على ذلك عند قبول شروط الاستخدام الطويلة التي غالبا ما تحتوي على بند مخفي يسمح بالاستماع النشط.
تدافع شركات التكنولوجيا الكبرى، وعلى رأسها غوغل وفيسبوك، عن نفسها بشكل مستمر، مؤكدة أنها لا تستخدم تقنيات التجسس المباشر على المستخدمين. كما تبرر هذه الشركات جمعها للبيانات بضرورة تحسين الخدمات المقدمة للمستخدمين، مع التأكيد على احترامها لخصوصيتهم. كما تنفي أي صلة لها ببرنامج “الاستماع النشط” التابع لمجموعة “كوكس ميديا”.
التفاعل الواسع مع تقرير الشركة الأميركية
أحدث تقرير الشركة الأمريكية حول برنامجها للتجسس على الهواتف الذكية ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي. فقد عبر العديد من المستخدمين عن صدمتهم من هذه الممارسات، مستغربين من إمكانية الاستماع إلى محادثاتهم الخاصة. وفي هذا السياق، أكد الخبير الفرنسي ريمي بارانجيه على المخاطر المترتبة على هذه التقنية. مشيرا إلى إمكانية استخدامها لتخصيص الإعلانات بشكل مبالغ فيه. وتساءل عن مصير مفهوم الخصوصية في ظل هذه التطورات.
كما أعرب ستيفان توماس عن مخاوفه بشأن انتهاك الخصوصية، مشيرا إلى احتمال قيام مجموعة كوكس ميديا بمراقبة محادثاته. بدوره، شدد الباحث الأمني ياسر العصيفير على ضرورة اتخاذ تدابير أمنية صارمة، مثل تعطيل ميزة الوصول إلى الميكروفون للتطبيقات غير الضرورية، وذلك لحماية البيانات الشخصية.